الصورة خاصة لصحيفة حماة اليوم

مديرية أوقاف حمـاة… الحاضـر الغائـب

أ. طاهر محمد علي زينو-حماة

 

▪️ سأكونُ في هذا اللقاء واضحـاً من غيـر أيّة مقدمـات و رتوش؛ فلن أفلسفَ الموضوع بل سأتكلم عفـواً هكذا دونمـا تكلُّفٍ لأقـولَ:

لن يضبطَ واقـعَ مدينـة حمـاة من النـاحيـة الدينيـة و يعيـدَ لمسـاجدهـا هدوءَهـا وَ رُواءَهـا وَ جمالَهـا و بُعـدَهـا الحضـاريّ في بلـورة مشـروع التغييـر في ظـل ظروفٌ دقيقـة تعيشُهـا الأمّـةُ و قد تكالبت عليهـا الأعداء في ظروف مفصلية يهيئُهـا اللهُ لتغيير كبيـر يشمل الأمـة انطلاقـاً من الشّـام و غـزة؛ فلا غـرابةَ أنْ يظهـرَ المشوّشـون أصحابُ الأجنـدات الغامضـة لبث الفرقة و التنازع و الفتـن في أوصـال المجتمـع باسم الديـن؛ سيمـا بعـد الفتـح الربانيّ الذي أزعـجَ العـالَـمَ حقيقـةً؛ ليأتي هذا التشويش مصحـوباً بخطابٍ غيـر متوازنٍ و ذلك لفقـدان المرجعيـة ذاتِ القـرار الواعي الحاسم، الذي يبرمـجُ بدوره خطابَ الحكمـة الذي يجمع و يؤلّف و يبثُ الوعي و يراعي الخلاف، مقـرونـاً بموقـف الحـزم الذي يضبط و يلجـم السفهـاء.

▪️ و إنّ هذه المهمـة تقـعُ على مديـرية الأوقـاف باعتبـارهـا الجهـة المخـوّلةَ من قِبـلِ الحكومـة لتوجيـه الخطاب و ضبط البوصلـة و تنفيـذ رؤيـة الدولـة لأن السلطـانَ و القـرارَ بيدهـا (إنّ اللهَ لَيـزَعُ بالسلطـانِ مـا لا يـزعُ بالقـرآن)… هذا السلطـانُ الغـائـب في حمـاة فلا قـرارَ وَ لا موقفَ و لا رؤيـةَ و لا رسمـاً لسياسيـةٍ و لا تخطـيطـاً لاستراتيجيـة و كأنّ إدارةَ الأوقـاف الحاليّـة لا حضـورَ لهـا و لا تأثيـر … و هنـا مكمَـنُ الغرابـة.

و عليـه -عوداً على بدء- لا خيـارَ لضبـط مساجـد حمـاة إلّا بشخصيـةٍ تديـرُ مديـرية أوقـافهـا تتوافـر فيهـا المعاييـر الآتيـة التي لا تقبلُ خـرقـاً في معيارٍ واحـد منهـا، و هـي:

• المعيـارُ الأولُ: أنْ تكونَ هذه الشخصيـة من نسيج البلـد الاجتماعي؛ خبيـراً بعوائلهـا و أعيانهـا و طبيعـةِ أهلهـا و عاداتهـم و أعرافهـم و طبيعة تفكيـرهـم؛ بحيثُ تكونُ هذه الشخصيـةُ ذاتَ بُعـدٍ اجتماعيّ عميق و مقبـول في الوسـط الحَمَويّ، و الأهـم خبيراً بتوصيـف كل شيخ علمـاً و موقفـاً… لا كواقـع اليوم (فرجـالُ حمـاةَ أدرى بشِعابِ واقعها).

• المعيـارُ الثانـي: أنْ تكونَ من الشخصيـات القيادية الإداريـة الحـازمة القويـة فكـراً و موقفـاً و حكمـةً و جرأةً، تراعي الواقـع و تقفُ من الجميـع موقفَ الاتزان؛ و بالتالي لن تستطيعَ الشخصيـاتُ المشيخيـةُ التقليـديّـةً العمـلَ الإداري الجريء -مع كامل تقديرنـا لأشياخنـا و أهل الفضـلِ-، فللإدارةِ مقومـاتٌ من كريزمـا الشخصيـة و الحنكـة و الجرأة و الوعي و الحزم؛ ذلك لأنّ الحيّـزَ الأبرزَ هو إداريٌّ قياديّ محضٌّ سيما في هذه المرحلة.

المعيـارُ الثـالث: أنْ تكونَ هذه الشخصيةُ من الشخصيـات التوافقيـة ذات الحضور و القَبول شمالاً ممن عاصـرتْ و عاينَتْ تجاذبات الشمـال و تياراته الإيديولوجية و تقلباتها و مراجعاتِهـا الفكريـة، و ذات دراية و خبرة و قَبول -في الآن ذاته- لدى الوسط الحمويّ و أشياخـه و أعيانـه لتحقيق التكاملية في الرؤية؛ فمثل هذه الشخصية هي الأقـدر على فهم و لجم مَن يشـذّ و يحـرف و يسيءُ لمشروع الدولـة الناشئة.

▪️ و أستثمـرُ اللقـاء لأؤكـدَ أنّ ما حصلَ يومَ أمس في جامع العلامـة الحـامـد من تغـوُّلِ السفهـاء و عدم احترامهـم لمقام بيت الله و إساءاتهم لذي الشيبة العالـم -مع تحفظنـا على الطرحِ الذي قدّمَه على المنبـر للعامّة- لَهـو مرفوضٌ جملـةً و تفصيلاً كونـه تَعَـدِّياً صريحاً على كرامة الشيـخ و مقامـه فضلاً عن سفاهةٍ وصلتْ حدَّ السقوط الأدبيّ و الأخلاقيّ، و إنّ هذه الحادثـة ليست بالأولى في جامع العلامـة الحـامد فقد سبقَـهـا الموقف المخزي يومَ تشييع وجيـهِ حمـاة “الدكتور منيـر مصباح غنـدور” حيث تقدم أحدُ الشباب مقتحمـاً المصلين و الجِنازة لم تُرفَـعْ بعد، و أثارَ بلبلةً تمّ تطويقُهـا يومهـا بفضل الله؛ و الغريب أنّ هذا الشاب ذاته يظهرُ يومَ أمس (بقبعته الحمراء) متصدراً المشهد الموثق بڤيديوهات؛ و قد تعهَّد إمـامُ المسجـد يومهـا في موقف سابق بمحاسبتـه و لكـن…؟!! ناهيكم عن عدة مواقف تشويش و طيش حصلت خلال شهر رمضان الماضي في الجامع ذاتـه.

و عليه يجبُ إعادة بلورة جامع العلامـة الحامـد -و عدد من جوامع حمـاة- بإدارة و إمام جديد من فكـر البلـد المتوازن الذي يراعي واقع البلـد و أدب الخـلاف؛ و يجمعُ و يؤلِّفُ و يحفظُ للمساجدِ هدوءهـا و يحي رسالتَهـا، لأنّ لحمـاةَ خصوصيـةً لا يجهلُهـا ذوي البصيـرة و هي أنّ المساجد في حمـاة هي صمـامُ الضبط المجتمعيّ؛ فمن خلالهـا تضبط المجتمـع و توجهُ وجدانَـه و تصوّيبُـه و بالتالي تحققُ الاستقرارَ على مستوى المحافظة كاملاً و العكس صحيـح.

يوليو 26, 2025 |

التصنيف: في العمق |
الوسوم: مقال رأي

شاركها مع أصدقائك!

اقرأ أيضاً