لا نهضـةَ من غيـر فِكـرٍ

أ. طاهر محمد علي زينو-حماة

جاء في كتابٍ ترجَمَ فيه مؤلِّـفُـه مشكوراً للعـلّامة الشيخ (طاهر الجزائريّ [1852- 1920مـ]) رائدِ التجديد الدينيّ في بلاد الشّـام في العصر الحديث؛ بيّـنَ فيه عنايةَ العلّامةِ الجزائريّ بالفكـرِ و إقامـة الحلقات الفكـريّة في سبيلِ الارتقاءِ الحضاريّ ضمّت -حلقته الفكرية- أعلامـاً من رجالاتِ ذلك العصـرِ؛ حيثُ كان الشيخ طاهر يدركُ أهميةَ الفكـر في إحياءِ النهضة الحضاريّة المأمولـة؛ فضـلاً عن دوره التأصيليّ في تعزيز الانتمـاءِ للأمـة و قضـايـاهـا و التفاعل الإيجابـيّ معهـا، لذلك لم يقفْ العلامة “طاهر الجزائري” في حركيَّتِه المجتمعيّـة الدعويّـة و الفكـريّة و العلميّـة عند حدود طلابِ العلـم الشرعيّ؛ بل توجّـهَ إلى كافة شرائحِ المجتمـع على تنوعِ مجالاتـهم و تخصُّصاتهم من علماء وَ أعيـان و تجّـار و مفكّـرين و معلِّمين و صحفيين… وَ قد خـرَّجَ أعلامـاً شهدت لهم الساحتـان الشاميّةُ و المصريّة حتى تصـدّروا لاحقـاً -و عن جدارة و تمكُّـن- واجهـةَ المجتمـع و مؤسساته العلمية و الفكريّة و الاجتماعيـة و التوعويّـة و منصات العلـم و الثقافـة و الفكـر في تلك الحقبة من صحفيين و مفكّـرين و علمـاء.. منهم على سبيل المثال لا الحصـر:
• العلّامـة اللغوي محمد كرد علي (أوّل رئيس مجمع للغة العربية بدمشق)
• العلّامـة مُحب الدين الخطيب
• العالـم محمد سعيد الباني
• حتى أنّه استقطبَ مَن توسَّمَ فيهم الوعيَ و الأصالـةَ الوطنية و لـو كانوا من غير المسلميـن أمثـال “فارس بيك الخوريّ”
➖ مـع التأكيدِ على مَلمَـحٍ دقيق وهـو أنّ نشرَ الفكـرِ بينَ مختلفِ طبقاتِ المجتمـعِ لن يُؤتيَ ثمارَه و لن يكونَ له أدنى تأثيـرٍ على مسـتوى نهضـةِ الأمّـةِ و إحيـاءِ حضارتِـهـا إلا بشـرط لا غنى عنه و هـو “الحَـرَكيّـةُ”! لذلك نرى الرجالَ و الأعلامَ الذين كان لهم دورٌ فاعلٌ منتج على مستوى مجتمعاتهم و على مستوى الأمّـة بعمومهـا لم يكونوا متقوقعين على أنفسهـم في مكاتبهم و زواياهم داخلَ حيّزهم الضيق؛ بل كانوا علمـاءَ حركيّين أقاموا بفكـرهم القويـمِ، و حركيِّتِهـم الصادقةِ، و إخلاصهـم لأمتهـم و دينهـم “مرجعيّـةً” لا زلنا نننهـلُ منهـا و نتمثـلُ مواقفَ صانعيهـا …. و لكم أنْ تستحضروا من تلك الدوحـة
العلمـاءَ الربّانيّين بحركيتهـم أمثـال (حسن حبنكة الميداني وَ محمد الحامـد وَ محمد سعيد النعسان وَ عبد الكريم الرفاعي و سعيد حوّى و محمد الطاهر بن عاشور و عبد الحميد بن باديس… و روّاد الفكر الحركي محمد الغزاليّ و محمد عمـارة…..)

▪️و أتوقفُ الآن لأترككم مع النص الذي جمعتُـه و اختصرته -بما لا يخلُّ- من عدة مواطن في الكتاب لمؤلّفه الأستاذ (حازم زكريا محيي الدين) حيث يقول:

➖ (( يُعدُّ الشيخُ طاهر الجزائريّ صاحبَ مدرسةٍ فكريّةٍ في حياته؛ حيثُ كانت له حلقةٌ فكريّـةٌ كبيرةٌ تضمُّ أهـمَّ مثقفـي الشّـامِ في عصرِه مثل “الشيخ جمال الدين القاسمي” وَ المؤرخ “الشيخ عبد الرزاق البيطار” و قد ترك بعد وفاتِـه عـدداً من المثقفين و المفكّـرين الذين درَسُـوا على يديه و تَبنّوا آراءَه و أفكارَه مثل:
“محمد كرد عليه وَ مُحبّ الدين الخطيب وَ الشيخ سليم البخاري”
ثـمّ التحق بهم عددٌ من الشباب:
“رفيق العظم وَ عثمان العظم وَ عبد الحميد الزهراوي وَ محمد سعيد الباني وَ سليم الجزائري وَ شكري العسلي وَ عبد الوهاب المليحي وَ عبد الرحمن الشهبندر وَ جلال البخاري وَ فارس الخوري وَ شكري القوتلي”
• و كان لهذه الحلقة اجتماعٌ دائـمٌ بعـد صلاةِ الجُـمعة من كـلِّ أسبوع و أكثر ما كان هذا الاجتماعُ في منزل رفيق بيك العظم و أخيه عثمان.
و قد استمرت حتى بعد سفر الشيخ طاهر الجزائري إلى مصر عام [1907مـ] .)) ا.هـ بتصـرف بسيط صـ41 و ما بعد
➖➖➖
للفائدة و التوسُّع..مراجعة كتاب:
– الشيخ طاهر الجزائري رائد التجديد الديني في بلاد الشام في العصر الحديث لـ حازم زكريا محيي الدين
من سلسلة علماء و مفكرون معاصرون الصادرة عن دار القلم – دمشق
– جذور الإجداد لمحمد كرد علي
– مذكرات محب الدين الخطي

يناير 13, 2025 |

التصنيف: في العمق |

شاركها مع أصدقائك!

اقرأ أيضاً