يشتكي أبو عمر، الرجل ستيني من مدينة حماة، المتقاعد من وظيفته الحكومية مطلع العام الجاري، لديه ولد وبنت في حماة، وباقي أبنائه خارج سوريا، من حال المتنزهات التي آلت إليه في العامين الأخيرين في حماة، بعد تولية مجلس مدينة حماة لإستثمار معظم المتنزهات والأماكن التي يمكن للمواطنيين الجلوس فيها دون مقابل، أو كما تعتبر “متنزهات حكومية مجانية” مثل الحدائق وحول القلعة، التي حولتها مجلس المدينة وأفرع الأمن إلى متنزهات غير مجانية تقوم بمحاسبة المواطنيين على الجلوس فيها، وبذلك لم يتبقى للمواطن أي مكان في حماة يمكن الخروج إليه بسبب إيلاء جميع المناطق والمتنزهات للمستثمرين.
ويضيف بأن من أهم المتنزهات التي حرمها مجلس المدينة للمواطنيين، هي متنزهات كف الشريعة والبرناوي، المناطق المرتفعة التي غالبا ما يلجئ أهالي حماة إليها في ظل موجات الحر الشديد بسبب طبيعتها الجغرافية العالية، ولكن اليوم جميع الأمكنه في هذين المكانيين هما رهن إستثمار مجلس المدينة، ويتم محاسبة المواطنيني على عدد الأشخاص وبأسعار ليست رخيصة، على كل شخص 6000 ليرة سورية، وعلى الطاولة الواحدة 10,000 ليرة، بمتوسط تكلفة 50,000 ليرة لكل عائله، ما يشكّل حوالي 18% من دخل الموظف الحكومي، علماً أن هذه التكلفة لا تشمل سوى الجلوس فقط، دون تقديم أي خدمة.
ويشير إلى أنه بات بسبب وضعه المادي السيء يفتقر إلى أمكنه يمكن التنزه فيها، كما كان الحال سابقاً، بعد خصخصة المتنزهات وإستثمار الحدائق أيضاً، الأمر الذي حرم أكثر من 50% من أهالي محافظة حماة من الطبقة الفقيرة من أبسط حقوقهم في الجلوس في هذه المتنزهات الشعبية التي من المفترض أنها حق للجميع.
هاني، مستثمر في أحد المتنزهات الشعبية في حماة، قال بانه أستطاع الحصول على ترخيص لإستثمار حوالي 150 متر على أحد المتنزهات الشعبية في مدينة حماة، مقابل تكلفة تقارب المليونين ليرة شهرياً، تدفع بشكل رسمي لمجلس المدينة، بعد دعم من فرع أمن الدولة الذي يشرف على معظم المتنزهات، والتي له حصّة من كل مستثمر كشريك أساسي معه في الأرباح الشهرية.
وأضاف بان هذا الاستثمار هو بسبب كسب موسم الصيف وخروج الأهالي وإمتناع الكثيرين من اللجوء إلى المطاعم والمقاهي في مدينة حماة بسبب الغلاء الفاحش فيها، ولجوء معظمهم إلى هذه المتنزهات الشعبية التي توفر نظافة للمكان، وعناية بمكان الاستثمار، إضافة إلى إمكانية تقديمخدمات المشروبات الساخنة والباردة والأراكيل ولكن هذا مقابل دفع مقابل لمكان الجلوس، وهذا بسبب لجوء كثير من الأهالي إلى عدم رغبتهم في شراء أي من ما نقدمه من خدمات والإكتفاء بالجلوس في المكان، فتمت الموفقة على أخذ مبالغ عن الجلوس ولكن لمدة مفتوحة ولكن يتم المحاسبة على كل شخص وبموافقة مديرية التجارة وحماية المستهلك والتموين والمحافظة.
متحدثاً بان من حقهم أيضاً العمل على كسب رزقهم والسعي في هذه المواسم لكسب الفرصة في تحقيق أرباح من المتنزهات وضمن أطر قانونية وضعها مجلس مدينة حماة، رغم معارضة الكثير من أهالي المحافظة بسبب تزرعهم بخصخصخة أماكن السياحة والتنزه الشعبية التي تعتبر من حقوقهم المشروعه في البلاد.
ريم، الناشطة الحقوقية في مدينة حماة، قالت لـ “حماة اليوم” بأن توفير متنزهات شعبية مجانية للمواطنين هي من أبسط حقوقهم، والتي من الواجب على الحكومة السورية توفيرها بشكل دائم، ومن الواجب على الحكومة في دمشق محاسبة مجلسي المحافظة والمدينة لإيقاف تمدد المستثمرين على حساب الفقراء والمساكين وكسب أماكن التنزه لتحويلها إلى قطاع خاص، وترك الفئة الفقيرة في المحافظة دون أماكن يمكنهم من المكوث فيها، حتى وصل الأمر إلى وضع طاولات وكراسي وترخيص لمستمثرين على الدوارات والمفارق الطرقية والحدائق العامة ومنع الجلوس بشكل مجاني بشكل نهائي وهذا أمر مخالف للقانون.
ودعت محافظة حماة لتشكيل لجنة يصب عملها في تخصيص أماكن للمستثمرين في المتنزهات الشعبية وترك مساحات شاغرة للفقراء وممن لا يستطيعون دفع هذه المبالغ التي ليست قدرة العائلات البسيطة في حماة دفعها، وإعادة ترميم الحدائق العامة بأكملها، وتوفير أماكن جلوس فيها، ودعم هذا القطاع بشكل كبير مع الحديث عن موجات حر مستمرة قد تسيطر على أجواء المحافظة مع الأيام القادمة.