تشهد مدينة حماة مؤخراً ظاهرةً غير مسبوقة، إشتهرت بسرقة “كابلات الكهرباء العامة”، وسط حالات السرقة المتزايدة التي تتصاعد وتيرتها يوماً بعد آخر مع إستمرار سلسلة الفقر والمأساة التي يعيشها الأهالي في الداخل السوري، وموجات إرتفاع الأسعار التي تخيّم على البلاد.
هذه الظاهرة إنتشرت منذ بداية الشهر الماضي، مع ندرة الحركة مساءاً في حماة مع فصل الشتاء والأجواء الباردة التي تخيم على المنطقة الوسطى في سوريا، وأخذت تزداد مع عدم التفات قوات الشرطة لإلقاء القبض على الفاعلين، مما ساهم بشكل كبير على تزايد الظاهرة وتمرّد السارقين وتوسيع عملهم نحو عدّة أحياء.
كريم، الشاب العشريني طالب في جامعة حماة تحدث لـ “حماة اليوم” عن إنقطاع التيار الكهربائي لديه منذ أكثر من سبعة أيام، وذلك بسبب سرقة الكبل الكهربائي الواصل بين الخزان الرئيسي في منطقة الصابونية، والخزان الفرعي في حيّه، الذي تتفرع منه الكابلات الكهربائية نحو المنازل، وتقدّر المسافة التي سرقت كابلاتها بحوالي سبعون متراً.
وأضاف “يبعد حيّينا عن قسم شرطة منطقة الشريعة أقل من ثلاثة دقائق مشياً على الأقدام، ورغم ذلك فإن السارقين استطاعوا قطع الكابلات وسرقتها، دون رادع، وهذا ما حصل أيضاً في عدّة مناطق في حماة”.
وأشار إلى أنهم لجئوا عدّة مرات إلى مديرية الكهرباء في محافظة حماة من أجل صيانة العطل، وإعادة وصل التيار الكهربائي بين الخزانين الرئيسي والفرعي، ولكن الجواب كان بأن الاهالي يتحملون ثمن هذا التركيب، بالإضافة إلى تأمين بديل عن الكابل، وورش الصيانة يقتصر عملها على التركيب فقط والتوصل، حيث أن المديرية لا تملك كابلات كهربائية جديدة، أو بديلة عن تلك التي تسرق كل يوم.
“قمنا بتسعير المتر الواحد للكابل البديل عن الكبل المسروق، ووصل ثمنه إلى حوالي 30 ألف ليرة سورية لكل متر، أي ما يعادل ثمنه حوالي المليوني ليرة سورية دوناً عن لوازم التركيب، والرشاوى لورشات الصيانة من أجل تكرمهم بتركيب الكابل وإصلاح أماكن العطل والقطع، وفوق ذلك، تم تحميل الأهالي ثمن هذا الكبل عبر قيام لجنة من الأهالي بتقسيم المبلغ على جميع المنازل المتضررة لتحمل هذا المبلغ الكبير، حيث تكفل كل منزل بحوالي 75 ألف ليرة”.
في غرب المشتل بحماة، السرقات شبه يومية، بحسب أبو عماد، الرجل الخمسيني من مدينة حماة، والذي يعمل موظفاً حكومياً في إحدى مؤسساتها، الذي قال بأن الكابلات في حيّه تعرضت للسرقة على مرتين متتاليتين لم تفصل بينهما سوى ثلاثة أيام فقط، فبعد سرقة الكابلات للمرة الأولى بين الخزان الرئيسي في حي غرب المشتل والخزان الفرعي القريب من منزله، قامت الأهالي المتضررة من هذه السرقة بجمع مبلغ من المال وشراء كابل بديل وتركيبه على نفقتهم الشخصية في سبيل تأمين عودة الكهرباء إلى منازلهم، ولكن بعد تركيبه بثلاثة أيام فقط، استيقظوا على انقطاع الكهرباء عنهم، تفاجئوا بسرقة الكابل ومن أماكن القطع ذاتها.
وقال “رغم أن الكهرباء لا تأتينا سوى أربعة ساعات فقط طوالي اليوم بشكل متقطع، ساعة وصل بعد خمسة ساعات قطع،إلّا أننا ننتظرها بفارغ الصبر من أجل الغسيل، والتدفئة، وشحن الهواتف المحمولة، وشحن البطاريات المنزلية، والكثير من الاستعمالات التي لا يمكنك الاستغناء عن الكهرباء حتى وإن كانت نصف ساعة وصل طوال اليوم”.
وأشار إلى أن عدد كبير من الأهالي المتضررين في حيّه اليوم رفضو دفع أي مبلغ مالي لعودة شاء كابل جديد، بسبب خوفهم من سرقته مجدداً، دون تدخل حكومي أو أمني في حماية هذه الممتلكات العامة التي إنتشرت في شتى أحياء حماة، كـ جنوب الملعب، وجنوب الثكنة، وعدة مناطق في حي البعث، والصابونية.
وأضاف بأن مديرية الكهرباء تقف عاجزةً عن مساعدة الأهالي في أي من تلك المبالغ المالية أو تأمين اي من المستلزمات، بدءاً من الكابل حتى محولات التيار الكهربائي الصغيرة، التي يقوم المواطن كمشترك في هذه المديرية بدفع ضرائب ورسوم من أجل خدمته من قبل المديرية كما يجب، وتأمين جميع مستلزماته منها.
وناشد قيادة شرطة محافظة حماة بضرورة وضع سيارات شرطة أمام الخزانات الرئيسية التي تصله بالخزانات الفرعية من أجل إيقاف هذه الظاهرة، والحد منها، حيث لم يعد بإستطاعة الأهالي دفع عبئ هذه التكاليف التي تشكل كل مرة نصف راتبه الشهري، فيما اذا كانت التكلفة تقارب المئة ألف ليرة سورية، ثمناً للمساهمة من أجل شراء كبل جديد بالاشتراك مع الأهالي في كل حي.