تجدهم وسط الشوارع وفي الأسواق وعلى إشارات المرور يستجدون من يمر أمامهم من الناس طالبين منهم المال بأساليبهم المتعددة والتي غالبا ما تكون بكثرة الدعاء أو إثارة العواطف تجاههم سواء على مظهرهم الخارجي أو وضعهم الصحي.جميع هؤلاء الأطفال يجب أن يكون مكانهم المدارس ودور الرعاية الاجتماعية والصحية لا الشوارع وأزقة الأسواق والحدائق العامة ولكن لكل منهم ظروف ربما كانت خارجة عن إرادة ذلك الطفل الذي لا يملك تلك الإرادة أساسا، أضف لذلك تدني المستوى الاجتماعي والاقتصادي وتفشي الفقر في جنبات المجتمع الحموي كما أن الانقطاع عن المدارس للمهجرين والنازحين داخليا أو خارجيا وانهيار المنظومة التعليمية في مدارس المناطق التي تعرضت للدمار خلال الحرب كان سببا من الأسباب المجتمعة والمتفرقة لتفشي تلك الظاهرة.تقول ماريا – تسعة سنوات، أجبرها والدها على التسول عند إشارة المرور وسط ساحة العاصي في حماة أن حلمها هو الذهاب إلى المدرسة، لكن طمع والدها ورغبته بجمع المال من أجل صرفه على ملذاته اليومية دفعه لإجبار ابنته على التسول.
وبحسب ماريا الطفلة البريئة أنها تقف يوميا خمسة عشر ساعة عند إشارة ساحة العاصي من اجل جمع المال من السيارات المتوقفة على تلك الإشارة وتحاول أحيانا الخروج من معاناتها مع التسول لتبيع العلكة بنفس طريقتها في التسول على نوافذ السيارات ولكن قليلا ما يشتري منها أحد على الرغم من أن عددا جيدا من سائقي السيارات يعطونها ما يجدوه أمامهم من فراطة على حد تعبيرها.
صحيفة حماة اليوم عبر مراسلتها سارة الأحمد قامت بالتحري عن تلك الفتاة لتعلم أن والدها من أصحاب الجنايات والسوابق الاجرامية وهو محكوم بأكثر من 14 جناية منها السرقة والتسول والمشاجرات وغيرها.
وتشير سارة إلى أن الفتاة تبقى مسؤولة عن مصروف عائلتها المكونة من ثلاثة أخوة صغار وأمهم حين يكون والدها في السجن ولكنها تطعمهم وتسقيهم بشكل جيد على نقيض حين يكون والدها موجودا ويراقبها من بعيد أثناء تسولها ليأخذ منها المال الذي جمعته ويصرفه على المشروبات الكحولية والدخان ولا يبقى سوى القليل من أجل إطعام العائلة التي غالبا ما ينام أفرادها جوعى.
يقول عامر 14 سنة، أنه في حال عودته إلى المنزل دون مال فإن والده يضربه ومن ثم ينام ليخرج بعدها مرة أخرى إلى الشارع من أجل متابعة التسول.
ويأخذ عامر من سوق ابن الرشد ومحيط قلعة حماة مقرا للتسول يدخله مع بداية فتح المحلات ثم يتابع بعد إغلاق محلات السوق التسول في محيط القلعة ولكن بطبيعة الحال لا يمكنه جني المال باستمرار وهو ما يعرضه للضرب والعنف بشكل دوري عند عودته إلى المنزل دون مال.
ويعاني ذلك الطفل من ذو الثياب الرثة والوجه الشاحب الذي أرهقته الحياة من طول المسافات التي يقطعها يوميا مشيا على الأقدام من وإلى بيته ما يزيد من معاناته اليومية.
من جهة أخرى يختلف تعاطي المجتمع المحلي مع الأطفال المتسولين ولكل منهم طريقته في الرد على من يقوم بالتسول منه، فمنهم من يستجيب لطلبهم من باب الإحسان ومنهم من يقابلهم بالعنف بأشكاله المتعددة التي تصل إلى الضرب في بعض الأحيان.
وقد قامت العديد من الجمعيات الخيرية في مدينة حماة بالتوعية والعمل على إعادة تأهيل الأطفال المتسولين وإعادتهم إلى المدارس أو إلى دور الرعاية الخاصة بالأطفال الأيتام وجرم القانون من يقوم بتشغيل الأطفال دون السن القانونية حتى وإن كان أحد أبويه.