مصدر الصورة “غوغل”
سارة الأحمد – حماة
اعتاد أهالي حماة منذ القدم على تخزين الخضروات في مواسمها الأصلية نهاية الصيف من أجل استعمالها في الشتاء حيث لا تكون متوفرة أو حتى اذا توفرت تكون بأثمان باهظة وذلك من أجل التخفيف في المصروف وبشكل خاص للعوائل التي يكون عدد أفرادها كبير.
ولكن هذه العادة بدأت تختفي من البيوت قبل عشرة سنوات من الآن حتى أنها انقرضت تماما هذه الأيام إلا عند القلة القليلة التي تمتلك منظومات للطاقة الكهربائية الشمسية وهو الأمر الذي يعيق الأهالي من تخزين المواد بسبب ساعات التقنين الكهربائي الطويلة والمتواصلة ما يجعل الاحتفاظ بالمواد الغذائية أمرا مستحيلا، أضف لذلك الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية كالخضروات ومشتقات الأجبان والالبان والزيتون وغيرها من المواد الأساسية في المونة الحموية.
تقول أم هاني – خمسينية، وهي ربة منزل متزوجة من مدرس لمادة الرياضيات أنهم اعتادوا على اعداد المونة في الصيف وتفريزها للشتاء وذلك منذ أن تزوجت ولكن ما يحدث مع تقنين الكهرباء هو أن البرادات لم تعد تعمل بكفاءة حتى أنهم لم يستطيعوا استعمالهم خلال فصل الصيف كله.
وتصيف أم هاني: “في أغلب أيام الأسبوع صيفا أقوم بفتح باب البراد من أجل منعه من التعفن حيث أقوم بتهويته بدلا عن الكهرباء التي لا تأتي لأكثر من ربع ساعه وبذلك فقدنا أهم عنصر من عناصر المونة وهو التبريد وليس بإمكاننا أن نتحمل أجور تركيب ألواح للطاقة الشمسية الكهربائية من أجل تشغيل الأدوات الكهربائية وبالتالي أصبحت المونة تقتصر على بعض المواد التي يمكن تجفيفها بالشمس وتخزينها (يابسة) “.
المكدوسة بخمسة آلاف
وتتحدث أم هاني عن مونة المكدوس المشهورة في حماة (وهو طبق يعد للفطور يتكون من باذنجان يتم حشوه بالفليفلة الحمراء والجوز ويكبس بزيت الزيتون لحفظه) حيث لا يكاد بيت في السباق يخلو من تلك الأكلة على مائدة الفطور، حيث ارتفعت تكلفة إنتاج الكدوس بشكل كبير منع شريحة كبيرة من الأهالي من تموينه ومن لا يزال يستطيع صنعه فخفض الكمية التي اعتاد عليها إلى الربع.
ويبلغ سعر الكيلو الواحد من الباذنجان 6000 ليرة سورية (نصف دولار)، و 50 ألف ليرة ثمن الكيلو الواحد من الفليفلة الحمراء اليابسة (4 دولار)، وارتفع ثمن الكيلو الواحد من الجوز إلى 140 ألف ليرة (10 دولار) بالإضافة الى زيت الزيتون من أجل تخزين المكدوس فيه الذي يبلغ ثمن الكيلو الواحد 100 الف ليرة (8 دولار )، ويمكن إنتاج ما يقارب من 20 حبة من الكيلو الواحد من المكدوس حيث تصل تكلفتها إلى خمسة آلاف ليرة وهو سعر لا يطيق أكثر من 90% من الأهالي دفعه بسبب ضعف الدخل المادي لديهم.
أبو أحمد كربجها – يعمل بصيانة الكهرباء المنزلية، يقول أن أولاده الثلاثة في الامارات وأوروبا كانوا قد أرسلوا له ثمن تركيب منظومة طاقة شمسية من أجل تشغيل البراد والفريزر ولكن هذا غير كافي برأيه، حيث تم التغلب على إحدى الصعوبات التي تتعلق بالكهرباء من أجل تخزين المواد ولكن غلاء الأسعار الكبير وخاصة الخضار لم يعد مجديا لتموينها.
ويقوم أبو أحمد بتموين نوعين أو ثلاثة أنواع من المونة على أكثر تقدير ومنها اللوبية التي يفضلها أهل بيته حتى أنها تشكل عبئا عليه خلال تموينها ولكنها تسد قدرا كبيرا من المصروف خلال الشتاء حيث ينخفض مردود عمله.
وارتفعت أسعار الخضار والفواكه وما يتم إنتاجه من الأراضي ونقله إلى الأسواق بعد ارتفاع أسعار المحروقات مرات متتالية خلال الأعوام الفائتة وذلك بسبب ارتفاع أجور العمالة والنقل بالإضافة لمشتقات الأجبان والألبان والزيوت وجميعها مواد أساسية في البيت الحموي كان يتم تخزينها بكميات كبيرة في البيوت.