قررت حكومة النظام السوري يوم الثلاثاء الماضي، 8 آب من العام الجاري، رفع أسعار الأدوية المحلية في سوريا بنسبة 50% عن سعرها القديم، في تطوّر جديد يُضاف لـ العبء الإقتصادي الذي تعانيه البلاد من الإنهيار الاقتصادي مع إرتفاع كبير تشهده الأسواق السوداء على صعيد صرف الدولار الأمريكي أمام الليرة السورية التي وصلت إلى حوالي 14500 ليرة سورية لكل دولار واحد.
يأتي ذلك بعد إنقطاع الكثير من الأدوية في الصيدليات المحلية في محافظة حماة وشتى المحافظات السورية، بسبب توقف تزويد مستودعات الأدوية بالمتطلبات اللازمة من الأدوية، حتى تلبية مطالبات مصانع الأدوية برفع سعر الأدوية وسط إستمرار إنخفاض سعر الليرة السورية، فيما يتم شراء المواد الخام للصناعة بالدولار الأمريكي.
الصيدلي محمد، من محافظة حماة، تحدّت لـ “حماة اليوم” عن عودة توفّر معظم الأدوية في الصيدليات بعد إنقطاع الكثير منها، وخاصة أدوية الأمراض المزمنة، بعد رفع أسعارها الكبير نسبة لسعرها القديم، الذي كان يعتبره المريض غالباً بالأصل، نسبة للدخل المحدود والوضع الاقتصادي السيء الذي يعيشه المواطن السوري.
وقال “اليوم وبعد رفع أسعار الأدوية، بدأت ظاهرة شراء الأدوية بالحبة، والحبتين فقط، وأصبحنا نعمل على بيع العلبة (بـ الفرط) كما هو متعارف عليه، أي تقسيم ثمن علبة الدواء على عدد الحبوب، من ثم بيع عدد من الحبوب حسب ما يملك الزبون من المال”.
مشيراً إلى أن هذا الحال ينذر بكارثة إنسانية حقيقية، قد يعانيها مرضى الأمراض المزمنة بشكل خاص، مع إرتفاع كبير جداً لـ أدويتهم المزمنة والتي يحتاجونها بشكل يومي مستمر، حيث وصل متوسط أدوية مرضى السكر إلى 14000 ليرة سورية، فيما وصل متوسط ثمن أدوية إرتفاع الضغط الشرياني إلى 8000 ليرة سورية، علاوةً عن أدوية المضادات الحيوية والمسكنات التي وصل متوسط ثمنها إلى 10000 ليرة سورية.
عبد الواحد رجل ستيني من مدينة حماة، من مرضى السكري وإرتفاع الضغط الشرياني، قال لـ “حماة اليوم” بأنه بحاجة ثلاث علبة من دواء خافض السكري بشكل شهري، بالإضافة إلى علبة مميع دموي، وعلبتين منظم للضغط الشرياني، ما يقارب ثمن هذه الأدوية اليوم حوالي ثمانون ألف ليرة سورية، في حين أن راتبه التقاعدي من التأمينات المعاشية في الحكومة السورية لا يتجاوز 110,000 ليرة سورية، أي حوالي 77% من راتبه الشهري.
ويضيف “اليوم بدأت بتخفيض أدويتي بشكل شخصي دون مراجعة طبيب، فالطبيب ينظر إلى مرضي من منظوره الطبي، دون أن يأبه بوضعي المادي المأساوي الذي أعيشه بشكل شهري، فيما أنظر لمرضي من منظور مادّي بحت، من أجل تأمين أبسط وأقل متطلبات الحياة لعائلتي، فبدأت مرحلة التقنين في دوائي رغم وجوب أخذه بشكل منتظم ومستمر يومياً، والعمل على أخذ حبة سكري واحدة فقط كل يوم، وحبة ضغط واحدة، والإستغناء عن الأدوية الاخرى بشتى أنواعها، وأفكر في تخفيض أدويتي المزمنة إلى النصف من أجل التوفير بشكل أكبر”.
ورغم خطورة الأمر طبياً، ووعي الرجل الستيني إلى هذا الأمر، قال “أن أموت بجلطة دموية أو بسبب إرتفاع السكري، خيراً من موتي جوعاً، أو قهراً على جوع أبنائي وزوجتي، وعجزي عن تأمين قوت يومهم في يوم من الأيام”.
مؤكداً بعدم وجود رقابة على الصيدليات في محافظة حماة، والعمل على بيع الأدوية بأثمان مختلفة، فاليوم يجب على المريض أن يقوم بتسعير الدواء في عدّة صيدليات ليجد الصيدلية الأرخص ثمناً، وهذا الأمر ناتج عن غياب الرقابة التموينية والطبية على الصيدليات، وعلى ممن أمتهنوا هذه المهنة بشكل تجاري، بعيداً عن الإنسانية بشكل كامل.
مطالباً بضرورة التشديد على جميع الصيدليات في مدينة حماة، وفي المناطق الشعبية على وجه الخصوص، من أجل ضبط الأسعار، وكبح الإرتفاع الجنوني لأسعار الأدوية، وخاصة النادرة منها، أو قليلة الوجود.