تشهد محافظة حماة شللاً خدمياً نتيجة أزمة المحروقات التي بدأ يعيشها أبناء المحافظة وسط ندرتها وغلاء ثمنها، والذي أدى بشكل مباشر إلى غلاء ثمن جميع البضاعات التجارية، إثر غلاء ثمن النقل، علاوةً عن شح في تأمين الكهرباء والماء وحتى شبكات اتصالات المحمول نتيجة قلّة عدد ساعات تشغيل المولدات الكهرباء، في وضع يصفه المجتمع المحلّي عبر وسائل تواصل الاجتماعي “بأنه الأسوأ منذ بداية سنوات الحرب في سوريا”.
وارتبطت هذه التداعيات بشكل مباشر بمعيشة المواطن السوري، مع إرتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الليرة السورية، وإرتفاع ثمن ليتر المازوت في السوق السوداء إلى ما يقارب (11000 ليرة سورية حوالي 0.90 دولار أمريكي)، أسفرت عن إرتفاع ثمن البضائع بشتى أنواعها في الأسواق السورية بين (5-9)بالمئة من ثمنها في شهر تموز الماضي من العام الجاري.
سمير رجل أربعيني من مدينة حماة تحدث لـ “حماة اليوم” عن أزمة الإزدحام الكبيرة على محطات وقود “بنزين أوكتان 95” نتيجة التفات معظم الأهالي إلى تعبئة الأوكتان رغم غلاء ثمنها، ونظراً لتأخير رسائل البنزين المدعوم والمباشر بشكل كبير، بحيث تم تخصيص ما يقارب خمسون ليتراً فقط من البنزين المدعوم بالسعر المخفّض من الحكومة وبسعر ثلاثة آلاف ليرة سورية، وعشرون ليتراً من البنزين المباشر بالسعر الذي تطرحه الحكومة للمواطنين بدون دعم بـ 4900 ليرة، الأمر الذي زاد من الإزدحام والطلب على محطات البنزين 95.
وقال “ما زاد من الأمر سوءاً، هو التصرف المعتاد للمسؤولين الأمنيين عن المحطة، فبعد مطالبات شعبية للمسؤولين عن المحافظة بضرورة إزالة عناصر قوات حفظ النظام من على المحطة بسبب عبثهم في دور السيارات على المحطة، وإدخال السيارات بشكل غير شرعي وبدون دور بعد دفع مبالغ مالية للعناصر والضبّاط، تم تسليم زمام أمور المحطة إلى اللجنة الأمنية في حماة وعناصرها، وعقب ثلاثة أيام من تسلمهم وتنظيم الدور بشكل جيد، عاودت الازمة لتعود من جديد وبشكل أسوء من السابق، حيث تتجاوز مدّة الانتظار على الدور الثلاثة إلى أربع ساعات متواصلة، وغالباً ما تكون المحطة قد أنهت مخصصاتها، لتعاود هذا الانتظار في اليوم التالي”.
جهاد -إسم مستعار لدواعِ أمنية- شاب ثلاثيني من مدينة حماة يعمل في خدمة توصيل الطلبات عبر سيارته الخاصة أشار لـ “حماة اليوم” بأن الأزمة تزداد يوماً بعد آخر، مع التسلّط الأمني المفروض على محطات الوقود، والفساد العلني الذي تعانيه هذه المحطات، بدايةً من الخوّات التي تطلب على بوابات دخول المحطة من عناصر اللجنة الأمنية للدخول بشكل مباشر وتجاوز الدور، مقابل خمسة وعشرون ألف ليرة سورية، وقد تصل في بعض الحالات إلى خمسون ألفاً، وهي ما تسبب بشكل رئيسي أزمة إزدحام خانقة بسبب دخول عشرات السيارات بدون دور، في حين انتظار المواطنين على الدور لساعات وساعات.
“ورغم منع السيارات الغير سورية من التعبئة من محطات وقود الاوكتان 95 فمعظم السيارات على المحطة تجدها بلوحات خليجية، من خارج سورية، تدخل عبر البوابة بعد دفع خمسون ألف ليرة سورية للعناصر، وتعبئة أكثر من مئة ليتر بنزين، بعد دفع عشرة آلاف ليرة سورية للمسؤول عن التعبئة داخل المحطة، في حين أن المخصصات لكل سيارة سورية ثلاثون ليتراً فقط لكل سيارة” يقول جهاد.
ويعتبر ذلك من أحد أسباب إنتهاء الوقود بشكل متسارع دون التعبئة لجميع سيارات الدور، بحسب جهاد.
في السياق ذاته، ياسين الناشط الميداني في حماة قال بأن اللجنة الأمنية رفعت من خوّات الدخول المباشر إلى محطات الوقود المسؤولة عنها بسبب عدم قبولها بأي وساطات أمنية مالم تكن ذو تنفذ أمني كبير في المحافظة، علاوةً عن تعاملهم الفظ مع المواطنيين، ولكن ليس للمواطن السوري حل بديل عن تأمين ما تيسر من البنزين سوى من محطات وقود الأوكتان رغم غلاء ثمنه الذي وصل سعر الليتر الواحد إلى عشرة آلاف ليرة سورية، ما يعادل ثلاثمئة ألف ليرة سورية في كل أسبوع، فيما أراد المواطن تعبئة مخصصاته الكاملة أسبوعياً من وقود الأوكتان بعد صدور القرار الأخير من وزارة التجارة وحماية المستهلك في سوريا بتخصيص ثلاثون ليتراً من بنزين الأوكتان لكل سيارة سياحية سورية خاصة، لكل أسبوع، ومنع السيارات العامة من التعبئة منها.
وأكّد الناشط ياسين بأن تجّار المحروقات وجدوا من محطات الأوكتان سبيلاً جديداً للرزق، عبر التعامل المباشر مع العناصر المسؤولة عن محطات الوقود، وتعبئة سياراتهم بشكل يومي من البنزين، ثم بيعه في السوق السوداء بثمانية عشر ألف ليرة سورية، وهو باب جديد أمتهنها كثير من تجّار المحروقات في حماة، وهذا ما يفسّر تزايد عدد البائعين المتجولين للبنزين الحر في السوق السوداء في شوارع وأزقة أحياء حماة.
وناشد ياسين المسؤولين عن قطاع المحروقات في حماة في المكتب التنفيذي لمحافظة حماة، بضرورة إيجاد حل سريع للفساد العلني الذي يتم طرحه بشكل يومي عبر وسائل التواصل الاجتماعي لنزع السلطة الأمنية عن محطات الوقود، وتغيير المسؤولين والمديرين لتلك المحطات، التي باتت حكراً على السيارات الغير سورية وتجّار المحروقات، في حين لم تكن لخدمة المواطن السوري يوماً أو حلّا جزئياً لأزمة المحروقات التي يعيشها المواطن السوري اليوم في البلاد.