
بين معاناتهم مع البرد وتعرضهم للمرض يَضيعُ الأهالي في تأمين المحروقات
ينال كريم – حماة
يبدو أن معاناة العوائل في حماة في الفصل الشتاء لم تنته عند حدود تأمين مواد من أجل التدفئة وحسب بل باتوا يعانون من الأعراض التي تصيبهم جراء استعمال تلك المواد الغير آمنة والغير صحية أيضا والتي تكون في الكثير من الأحيان مواداً سامة تصيب أجهزتهم التنفسية وبشكل خاص الأطفال وكبار السن ممن يستعملون النايلون وبقايا البلاستك وغيرها من المواد التي تنتج عن حرقها غازات ذات سمية عالية تؤدي بأحسن الأحوال لحدوث انتانات رئوية حادة خلال فترة الشتاء ربما تستمر معهم لبقية العمر.
وبحسب الدكتور حسان العبد الله – اخصائي الأمراض الصدرية والتنفسية فإن أعداداً كبيرة من كبار السن والأطفال يراجعون عيادته الصدرية خلال فترة الشتاء وجل الأعراض التي يعاني منها هؤلاء المراجعين تكون انتانات صدرية حادة، وعند سؤالهم عن القصة المرضية يتم الحديث عن التدفئة ببقايا النايلون والبلاستيك وأحيانا الملابس القديمة والكرتون الذي يتم جمعه في الغالب من القمامة.
ويقول العبد الله لصحيفة حماة اليوم :” المشكلة التي أعاني منها كطبيب هي كيف أقوم بإقناع المرضى بأن المرض الذين يعانون منه ناتج عن تلك المواد التي يستعملونها في التدفئة، في الحقيقة ليس لدي الجرأة على قول مثل تلك الكلمات لأناس يعانون البرد لدرجة الموت”.
أم عبد الله – خمسينية ،تعيش مع والدتها وأطفال ابنتها المطلقة في بيت زوجها المتوفى قبل عقد من الزمن، تقول أم عبد الله أنها شاهدت العديد من الإعلانات وسمعت عن مدافئ تعمل بالكحول وأخرى بالكاز وغيرها بالحطب وقشور الفستق ولكن كل تلك المواد ذات ثمن باهظ ليس لديها القدرة على تحمل أعبائه.
تقوم أم عبد لله خلال فصل الصيف بجمع الكراتين والمواد البلاستيكية (غالبا من مكبات القمامة) وتحتفظ بها من أجل استعمالها كوقود بدلاً عن المازوت الغير موجود أساسا في السوق والحطب الذي يبلغ سعر الكيلو غرام الواحد منه حوالي 2000 ليرة، أي أن الطن منه والذي يكفي لشهرين على الأكثر يبلغ ثمنه مليونين ليرة وهو ما يعادل 400 دولار أمريكي.
وتضيف أنها تعاني كل شتاء من الأمراض وتقوم بزيارة الطبيب ليخبرها أن سبب تلك الأمراض هي المدفئة وما تضعه بداخلها من مواد غير صحية ولكنها بطبيعة الحال ليس لديها خيار ثالث سوى الموت برداً أو استعمال تلك المواد من أجل التدفئة.
ويعاني أغلب سكان مدينة حماة من الوضع المادي المتردي وعدم توفر مواد التدفئة في فصل الشتاء أضف لذلك الأزمات الاقتصادية في قطاع النفط التي تتحدث عنها الحكومة بشكل دوري في مثل هذه الفترة من السنة متهمة الحصار الجائر والعقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا بالوضع الراهن.
وكانت شركة محروقات المسؤولة عن تنظيم توزيع المازوت على المواطنين في ما يعرف بمازوت التدفئة قد توقفت عن إرسال الرسائل للأهالي منذ ما يقارب الشهرين.
وبحسب فارس عبود – موظف فإن أكثر من 70% من سكان حماة لم تصلهم رسائل لاستلام مازوت التدفئة الذي يتم توزيعه بالسعر المدعوم وهو 500 ليرة للتر الواحد وبكمية 50 لتراً فقط وهي لا تكفي سوى أسبوع واحد.
وأضاف أن العديد من الأهالي يلجؤون لشراء المازوت الغير مكرر والذي يملك قواما شحميا وله رائحة غاز قوية عند الاشتعال (يدعى اصطلاحا بالعرعوري ضمن حماة) وهو غير متوفر أيضا.
وكانت عناصر من التموين مصحوبة بالجمارك والشرطة قد شنت حملات واسعة على بائعي البنزين والمازوت في السوق السوداء ما أدى إلى اختفاء تلك المادة من الأسواق في الوقت الذي يحتاجها الناس مع اشتداد البرد.