عمالة الأطفال والتسول.. ظاهرة تغزو شوارع حماة

تسنيم الشافعي – حماة

” أعمل في بيع العلكة في الطرقات وأخي يعمل في بيع ربطات الخبز في الشوارع لنعود في آخر الليل بثمن الطعام لعائلتي المكونة من أمي وأخِ رضيع” هذا ما قاله الطفل ياسين ابن الاحد عشر عاماً والنازح من ريف حلب إلى مدينة حماة منذ أربعة أعوام حيث قتل والده جراء قصف النظام على بلدته في ريف حلب وليس لعائلته معيل سواه واخوه محمد الذي يصغره بعامين.
 
حيث يعمل كلا الأخوين ياسين ومحمد بهدف توفير حياة بسيطة تقيل هموم الجوع والبرد عن عاتق والدته وأخيهم الرضيع، يعملون في شوارع مدينة حماة في بيع العلكة وربطات الخبز على الطرقات طيلة النهار وتحت برد الشتاء القارس والمطر كي يحصلوا في نهاية يومهم المرير على بضع ليرات سورية بالكاد تقيهم حاجتهم للغير.

وتقول ام ياسين في حديثها لـ “حماة اليوم” بأنها مجبرة على القبول بهذا الحال، فبداخلها ليست راضية عن عمل ابنائها الصغار وتركهم  لمقاعد الدراسة والعلم، وحرمانهم من أبسط حقوقهم في الحياة كسائر الأطفال، ولكن ظروف الحياة والنزوح حولّت بوصلة الحياة لديهم إلى الشقاء

والعذاب وفرضت عليهم حسابات جديدة أجبرتها على القبول والرضوخ لهذا الحال البائس، وأضافت بأنها تحاول بين الحين والآخر العمل ولكنها لم تجد أي عمل لها يناسب وضع رضيعها الصغير بالإضافة لأعداد النازحين الكبير في مدينة حماة ونقص في طلب اليد العاملة وهذا ما جعل الأمر يزيد من صعوبة العيش ويجبرها على القبول بعمالة أطفالها في ظل المخاطر التي تحيط بشوارع مدينة حماة.
 
فيما تحدثت بأن عدد من الجمعيات الإنسانية وأهل الخير قاموا بمدّ يد العون إليها من المساعدات المادية كاجار منزلها وبعض لوازم المنزل من طعام وشراب ولكن تكاليف الحياة ومتطلباتها الغالية جداً لم تعد تفي تلك المساعدات بمتطلبات هذا المنزل وأطفاله الصغار، حيث باتت هذه المساعدات بالكاد تغطي 60% من المصاريف.
ظاهرة التسول تغزو شوارع حماة:
أبو كريم، رجل خمسيني من مدينة حماة أكّد تزايد ظاهرة تسول الأطفال الصغار دون سن الثمانية أعوام بشكل كبير في مدينة حماة وأسواقها،
وهذا الطابع الذي بات يغلب على أسواق المدينة، ففي الأسواق، وعلى أبواب المساجد، وحتى في بعض المدارس في حماة، تجد أطفالاً دون سن الثامنة أعوام يتسولون باحثين عن لقمة عيشهم التي باتت مغموسة بدم.
ومع الإزياد الكبير في أعداد النازحين إلى مدينة حماة، من الذين هربوا من الموت الذي لاحقهم دون أن يحملوا معهم ثياب أو طعام أو نقود تكفيهم مرّ النزوح، علاوةً عن ندرة شواغر العمل في المدينة لصغرها و غلاء معيشتها التي بات لا يطيقها حتى من فئات الطبقات المتوسطة من أهالي المدينة، فقد غلبت فئة المتسولين بشكل كبير على الطبقات الإجتماعية الأخرى.

كما أن غالبية العائلات النازحة نزحت دون معيل أو رجل يحمل هموم هذه العائلات التي جلّها من النساء والأطفال فقط، وهذا سبب رئيسي في عمالة الأطفال وتسول آخرين في شوارع المدينة وتفاقم هذه الظاهرة التي تهدد مستقبل سورية بأكمله ما إن تم حل هذه الظاهرة بشكل عاجل.

كما أن فرض النظام لسلطته الكاملة على مدينة حماة وإنهاء العاملين فيها بمجال الاغاثة واعتقالهم

ومنع أي ظاهر إغاثية ثورية في المدينة لعبت دوراً في هذه الظاهرة حيث لم تعد هذه العائلات تصلها تلك المستحقات المالية التي كانت تصلها بشكل شهري.

وأفاد مروان ناشط ميداني في مدينة حماة بأن المدينة شهدت في الأشهر الأخيرة ازدياداً كبيراً في نسبة عمالة الأطفال في شوارع المدينة وفي الأحياء وهذا امر غير اعتيادي في المدينة وقد ظهرا مؤخراً نتيجة لظروف الحياة الصعبة للنازحين وحتى لبعض أهالي مدينة حماة بسبب غلاء المعيشة.

وأضاف بأن جمعيات مدنية مرخصة من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية في النظام السوري باتت تقوم على مشاريع مخصصة لهذه الفئات من الأطفال، لدعم عودتهم للتعليم وترك العمل والتسول، مقابل تقديم مبالغ مالية بسيطة وشراء لوازم مدرسية لهم، ولكن هذا الأمر لم يفي بالنتائج الإيجابية المرجوة حيث أن هذا الدعم لم يكن كافياً سوى لشهر أو شهرين على أبعد تقدير، ليعاود الطفل في عمله في إحدى الحرف الصناعية أو إلى التسول على أبواب المساجد وفي أزقة الأحياء.

وأكّد بأن هذه الظاهرة بحاجة لحل جذري من كبار تجار المدينة في حماة بإقامة مشاريع تنموية إقتصادية لهم، حيث تقوم هذه المشاريع على توفير فرص عمل تليق بهؤلاء النازحين و تناسب ظروفهم الصعبة، ومن مرابح تلك الأعمال تقوم على دعم متطلباتهم من السكن والطعام والشراب، وقد تم إقامة عدّة مشاريع صغيرة بهذه الفكرة في حماة وأعالت ما يقارب 40 عائلة.

يناير 11, 2022 |

شاركها مع أصدقائك!

اقرأ أيضاً