تسنيم الشافعي-حماة

أحد عشر عاماَ من الحرب وما نتج عنها من مآسي أدت وبشكل كبير إلى تفاقم عمالة الأطفال هنا في حماة.
وعلى الرغم من أن سوريا من أوائل الدول التي صادقت على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية الأطفال من الاستغلال الاقتصادي إلّا أن ذلك لم يشفع لهم وسط كل هذه الأزمات المتلاحقة والتصعيد بين النظام السوري من جهة ومواليه ومعارضته من جهة أخرى.

وبكل تأكيد فإن النزوح هو أحد أهم الأسباب التي أدت الى تفاقم أزمة العمالة عند الأطفال.
وسط المنطقة الصناعية في حماة يعمل حازم ذو الخمسة عشر ربيعاَ لدى ورشة لصيانة ميكانيك السيارات.

حازم الذي بدأ العمل هنا في سن العاشرة بعد وفاة والده من أجل إعالة أمه وأخته قضى حتى اليوم خمسة سنوات في المنطقة الصناعية بعيداَ عن حياة الأطفال في عمره في المدرسة.

يقول: “في البداية كانت الدراسة أولوية بالنسبة لي ولكن بعد سنة من بدأ العمل في الصناعة لم أعد أستطيع التوفيق بين المدرسة والعمل لأن طبيعة عملنا تبدأ في الصباح الباكر أي في نفس وقت الذهاب الى المدرسة”.
وبقلب معصور يتابع كلامه : “فاضلت بين الدراسة وبين أن تموت أمي وأختي من الجوع ، ناهيك عن أجرة المنزل فلم أستطع أن أكمل دراستي وأترك أهلي لظروفهم السيئة وأنا الشاب الوحيد في العائلة”.

أما محمد فهو يبيع الدخان على أحد أرصفة المدينة قرب حديقة أم الحسن وسط حماة، يقول محمد أنه كل يوم بعد أن يعود من المدرسة وهو في الصف الثامن يتناول طعامه وينزل إلى العمل فلا يوجد لديهم دخل ثابت حيث أن والده المصاب خلال الحرب فقد أحد يديه وقامت إحدى الجمعيات الأهلية بتركيب طرف صناعي له وما عاد يستطيع العمل كما السابق.

ورصدت صحيفة حماة اليوم في حماة أطفالاً يعمل بعضهم في محال بيع الخضروات وتوصيل طلبات المطاعم وبعضهم كعمال تنظيفات فيها أضف لذلك من يعملون ضمن شبكات لجمع البلاستيك والخردوات من حاويات القمامة ، ناهيك عن الأطفال الذين امتهنوا التسول في الأسواق وعند إشارات المرور.

وعلى الرغم من أن المنظمات الدولية ومنها اليونيسيف وشركائها من الجمعيات الأهلية تدير عدة برامج من أجل القضاء على هذه الظاهرة إلا أن المعايير تختلف بين ما تصبو اليه تلك الجمعيات وبين الواقع المرير الذي يحتم على هؤلاء الأطفال العمل من أجل الحصول على المال.

يوضح السيد ياسر ،وهو مدير أحد برامج حماية الطفل لدى إحدى الجمعيات التي تتحفظ صحيفة حماة اليوم عن ذكر اسمها لأسباب تتعلق بسلامة ياسر، أن الموافقات الأمنية والروتين الممل من أجل الحصول على تصاريح للمنظمات من أجل البدء بكل مشروع أدى إلى نقص كبير في تلك البرامج وبطبيعة الحال انعكس ذلك على أرض الواقع وأدى إلى تفاقم أزمة عمالة الأطفال عاماً بعد عام.